الأحد، 17 يناير 2016

أبتي ،، رأيت عمرا في أحلامنا العربية للكاتب حكيم البورشدي

أبتي ،، رأيت عمرا في أحلامنا العربية
أبتي
رأيت الكراريس
حزينة في الخلاء
تقطعت بها
السبل
و دروب الحياء
تمزقت
فوقها الأرحام
دامع جفنها
رأيت
صور الأطفال
بين الأنقاض
ملطخة
ببقع حمراء
تدثرها الأنقاض
عنا الركام
يداريها
في هذا الخلاء
في ذَاك الشتاء
أبتي
رأيت الأسمال ثائرة
رامت أشلاء البشر
تفوح منها المنية
في بلدتي
تغويها أغصان
الزيتون
دانية طامر حبها
في جوفها
الثرى
يسألني
عمن يرويها
أبتي
رأيت الصحون
فارغة
يصفر البرد
في جوف أهلها
يراقصني الذباب
على شفتيها
تسأل فينا
رحيما يمسح الدمع
من عينيها
ينظرها رميما
يحييها
أبتِي
رأيت عمرا
في أحلامنا
العربية
يسألني
عن أطفال منسية
عن خدود وردية
ينظر
بين ملامحها
قلوبا تقية
أو فرحا في كف
يحملها عشبا مثمرا
يشفيها
أو غصنا نديا
بقطرة الغيث
يكفيها
أبتي
رأيت عمراً
يسأل عن
لغتي العربية
كيف أجهضتنا
معانيها
و مفرداتها العظيمة
نكست أعلامنا
نعيا ضادها ضدا
أقلامنا
اختلطت
بمواثيقنا العبرية
اختلت
و مالت أخلاقنا
اليتيمة
في موازيننا كيلا
و منا جزيا
أبتي
ماذا أخبر عمر
عن شعابناالملوثة
و هضابنا المدنسة
بأمراضنا
و أجهزتنا العتية
المقدسة
كيف تشابهت
بالصفع فينا
و تشابكت عصيا
على الظهر
صعقا
حملناها حملا
و سخطا سخيا
أنخبر عمر
عن شعوبنا الثائرة
صمتا
أم نحكي
عن حكومات الظلم
الجائرة
و أمة جورا
صار يحكمها
ثورا
و أبا عسكر سبيا كغانية
أو عاهرة كخمر سبية
أبتي
ماذا أقول لعمر
عن هامان
و فرعون
و موازينهم المقلوبة
قصورهم
المحروسة بالنيران
دعاء الحاخام
يحرسها
كما يحادي الذئب
خلاف الثيران
و ينفرد بالنعاج
و يعد الخراف للغد
طعاما شهيا
أنخبره
ما يدس هناك
في صكوكهم سرا
خفيا
أنقول ما نكتب
في كراريسنا
و ما نقرأ
في تربيتنا الوطنية
أم ما يقال عنه
نشيدا
و شعرا ثوريا
محرما في منابرهم
نردده زهوا
هناك صرخة
أنشودة رعية ،،
أنغني
لمارسيل لفيروز
و نردد القصيدة جَهرا ،،
سياسية
أم نغني لهيفاء
للغانيات
و الإماء الحسان
و نحكي كيف صار
العري ،،
جزءًا من الألحان
أبتي
رأيت عمرا
في أحلامنا العربية
يسأل عن كرسي
الخليفة
و أسماء الولاة
ما فعلوا
بلحيهم و شواربهم
الكثيفة
هل غيروا الألوان
و لبسوا الحرير
فستانا
انتعلوا الضمير
نعلا خفيفا
أم صار الفحل فينا
جبانا
بطنه عفيفة
أنخبره كل شيء
أخبار النواب
و كيف يكتمل
النصاب
تارة معارضا
و في الخفاء حليفا
و الأحزاب
كيف صار لها
محراثا أكبر
يختار ترابا قفرا
يحمر خجلا
يحرث الأصوات
قهرا
أبتي
أهكذا الأحزاب
عندنا تنزل من السماء
كما ينزل المطر
أبتي
ألم يعد الميزان إرثا
و لا مطلوبا
و لا القنديل ضوءا
و لا فرضا
بعد اليوم مرغوبا
كيف نخبر عمر
عن كل الأحلام
و الأمنيات المكلومة
المكبوتة
و نحكي
عن كل الأحزان
و الأمراض الموروثة
أنخبره
عن أدوية مفقودة
أم نسكت
و نخبره
عن قرى معزولة ،،
هجاها الطير
و مناقرهم المعقوفة
لم تغريها
ديدان الحرث العجفاء
و لا حشراتنا
الأليفة
و لا جرذاننا المقرفة
أبتي
أنخبره في حكينا
عن خطونا في صمتنا
كيف نسير
في حينا نحيبا
كيف تهمس الأشجار
خوفا دون حفيف
أو كيف
يقرأ علينا اللطيف
و كيف
تقررنا في أحكامهم
و في اللفيف
و كيف صرنا نزيفا
في تدخلات ،،
قيل عنها عنيفة
أبتي
حدثه عن خطايانا
عن الغلاء
و رائحة أمعائهم
الشريفة
عن ضمائرهم الكفيفة
و ثقل رقابنا
في أياديهم العفيفة
أ كسرة خبز
نسميها زادا يسد رمقا
أو رغيفا يسخر منا
لا يبلل ريقا ،،
سنقرأ له
عن قرارات أمتنا
السخيفة
و رائحة جيفتها الكريهة
أبتي
أنسرد في حكاوينا
عجزنا
عقمنا
و كيف نختلق عذرنا
و كيف نحلم
أن يكون
السيد فينا نزيها
لا يقرب الخمر و النساء
و أموال الخزينة
أحقا
سيصدق عمر
أن الذئب عندنا
مكارا لعينا
يفتي بيننا وعدا
لا يفي
و لا يتقي الله فينا
أعبائهم ثقيلة
أوزارهم شديدة
و معاشهم
قروشا زهيدة
سيصدق عمر
أننا فعلا تقاة نلتحي
و أننا عجب لا نكرر
مرتين في البشر
و لا نتوسل في الصلاة
إلا المطر
لأننا فعلا زناة لعنة قدر ،،
أبتي
لقد بكا عمر ،،
و بكتنا أحلامنا العربية ،،
تمتم عمر متحسرا
فقال للدين رب
يحميه ،،
و للحاكم نار لهيبها
غدا يصليه ،،
أبتي ،، رأيت عمرا في أحلامنا العربية
بقلم حكيم البورشدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق