الثلاثاء، 28 يونيو 2016

أيا وطني للكاتبة خوله إمام

*أيا وطني*
وتسألني ما الوطن 
هو شهادة الميلاد 
والروح والسكن
هو شجرة التين والزيتون 
وسنابل القمح الشامخة
بين زهر الحقل في إباء
هو نبض قلبي وروحي
مهد أحلامي
وحكاياتي الجميلة
وقصص الطفولة
والنجمة الوضاء
في رحم السماء
الوطن يا ابنتي
هو مائي وسمائي
هو جذري وانتمائي
وتواشيحي الجميلة
بين الأكمة والخميلة
هو درعي وخماري
هو مهري وانصهاري
في جمر حبه
وروايات الجمال
ما الوطن
تعالي يا ابنتي
نمضي نتذكر
أين كنا أين صرنا
وأين انتهى الأمر فينا
تلك ساحة شهدت أجمل أيام الطفولة
وذاك حقل شاهد على عرقي وتعبي
وتلك شجرة وارفة الظلال أسندت ظهري
وذاك نهر كم روى عطشي
مهما ذكرت لن أوفيه حقه
وطني
هو الأمان والجنان
والقهوة السمراء
والدلة في الفناء ورائحة الهال
وأمك توقد الطابون
وأختك تعد الفطور من
خير الأرض والغلال
الوطن ... آه وما أدراك ما حب الوطن
هو دمائي التي تسري في رياضه
في سفوحه وتلاله
هو شوقي واحتراقي
لهوائه وسمائه
والفصول تتعانق في سعادة
في ربوعه
والطيور القادمة من خلف التلال
والعشب والصفصاف والخيل الأصيل
والفلاح يجني حب الزيتون
دمع زيته لا ينفك يبكي
غيبة الفجر العليل
لا تسلني عن معنى وطن
وجع وأي وجع
دمع ينهمر
ومآق ذاقت المر
وتاهت في سراديب الزمن
حين غدا الوطن حقيبة
قارب موت
وخيمة لا وتد لها
سوى الضلوع
تئن من برد وجوع
لا تسلني ما معنى وطن
باعوه وقبضوا الثمن
وغدا أسيرا حائرا
من ذل قيده يجأر
لا مجيب ولا مغيث
واحتار الوطن
أطفأوا نور عينيه
سلبوا منه ربيعه
واجتثوا منه جذوره
لا وطن ... لا عنوان
لا وطن ... لا مكان
يؤوينا ويحضننا
يسترنا ودفئه يغمرنا
مثلك يا وطن
أتدري يا بني ما معنى
أن تغدو بلا وطن
لا أم تحضنك ولا فنن
لا أرض تقبلك ويرثيك الزمن
لا عش طير
ولا حلم جميل
لا هوية ولا قضية
تعبس بوجهك كل أبواب الهروب
تطاردك الخيالات الغريبة
يحيق بك الخطر
والحدود بعيدة
قيدت بأسوار من أيد غريبة
أتدري
امرأة تلهث تحضن طفلا صغيرا
وعجوز عكازه ما عادت تطيقة
وصبية تنوح عبثت الريح بالجديلة
هذا ما معنى أن تبكي
ويبكيك الوطن
فراق الوطن
تفارقك البسمة يعتريك الوهن
وجلدك يرتجي لمسة أمان
والجداول تبحث عن مصب
والطيور شريدة هامت
وأضناها الهوان
أيا وطني
جد علي بضمة تنسيني
غيابي وغربتي ولوعتي وحرقتي
وحسرتي على فراق ثراك
وعانق في غربتي ووحدتي
فإنني دونك ظل بلا جسد
وقلب نبضه أَرِق
فيا وطنا
رعاك الله
عانقني واحضن مني الروح والجسد .
بقلمي : خوله إمام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق